الأثر الفعال إدخال الروتين في تنشئة الأطفال خلال سنواتهم الأولى. كيف يُسهم الروتين في دعم طفلك؟

The Power of Routines in the Early Years.  How does routine help your child?

بقلم: ميغان آرتشر


قد تبدو الأيام في الصباح وكأنها سباق مع الزمن، وتمتد لحظات ما قبل النوم إلى ما لا نهاية. وأحياناً، يكون الخروج من المنزل في حد ذاته إنجازاً صغيراً يستحق الاحتفال. لكل عائلة نمطها الخاص، ولا يمرّ أيّ يوم كما خُطط له تماماً. لكن إدخال بعض الروتينات البسيطة يمكن أن يُحدث فارقاً كبيراً لك ولطفلك.بالنسبة للأطفال الصغار، لا يدور الروتين حول الالتزام بجدول زمني صارم، بل حول إيجاد شعور بالطمأنينة والارتياح والتوقّع في عالم لا يزال جديداً ومليئاً بالمفاجآت بالنسبة ل

 

بالنسبة للأطفال الصغار، لا يدور الروتين حول الالتزام بجدول زمني صارم، بل حول إيجاد شعور بالطمأنينة والارتياح والتوقّع في عالم لا يزال جديداً ومليئاً بالمفاجآت بالنسبة لهم.

 

الروتين لا يقلل فقط من التوتر اليومي، بل يدعم أيضاً تطور اللغة، ويسهّل الانتقال إلى المدرسة، والأهم من ذلك، يساعد الطفل على بناء الاستقلالية مع مرور الوقت. هذا الإحساس بالاستقلالية ينمو تدريجياً كلما بدأ الطفل يفهم تسلسل الأحداث، ويُنجز المزيد من المهام بنفسه بثقة

 

الروتين يساعد الطفل على استيعاب مجريات يومه. عندما تتبع الأنشطة ترتيباً مألوفاً، يشعر الطفل بقدر من التحكّم والسيطرة. سواء كانت عادة تنظيف الأسنان بعد الإفطار، أو مشاركة قصة قبل النوم، فهذه اللحظات تخلق شعوراً بالأمان والدعم والاستقرار. ومع مرور الوقت، تبني هذه الأنماط الصغيرة الثقة بالنفس، وتعزز الشعور بالقدرة والكفاءة. المسألة لا تتعلّق بالإمكانيات فحسب، بل بتمكينهم وتأهيلهم للنجاح: هذه خطوات بسيطة لكنها مهمة في مسار نمو الطفل ونجاحه.

 

ولأن كل أسرة تختلف عن الأخرى، لا يوجد روتين مثالي واحد يناسب الجميع. لكن الحفاظ على ثبات بعض الأجزاء الأساسية من اليوم، مثل الصباح، وأوقات تناول الطعام وأوقات اللعب أو النوم، يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في الطريقة التي يتعامل بها الطفل مع التغيرات، وفي فهمه للتوقعات، وتكوينه لعادات صحية على المدى الطويل.

 

هذا المعنى تؤكده أيضاً وثيقة "مسائل النمو" (أُسس النمو Development Matters - إصدار ٢٠٢٣)، وهي دليل داعم للمرحلة التأسيسية في التعليم المبكر في المملكة المتحدة. حيث تشير الوثيقة إلى أن الأطفال الصغار يشعرون بأمان أكبر عندما تكون رعايتهم متّسقة ويمكن التنبؤ بها، خصوصاً أثناء تعلّمهم كيفية التعامل مع المشاعر الكبيرة والمعقدة. ومع أن المرونة تظلّ ضرورية، فإن وجود روتينات مألوفة يساعد الطفل على الشعور بالأمان والدعم والثقة مع تطوره ونموّه.

 

كيف يمكن للوالدين البدء في بناء روتين يناسبهم ويناسب أطفالهم؟

 

  • ابدأوا بالأساسيات. ابدأوا بأكثر الأوقات توقعاً في اليوم، مثل روتين الصباح وأوقات الوجبات ووقت النوم. وجود بعض "نقاط الارتكاز" الثابتة خلال اليوم يمكن أن يضيف شعوراً بالهدوء والتنظيم.
  • استخدموا الإشارات البصرية أو جداول مصوّرة. غالباً ما يستجيب الأطفال بشكل إيجابي للصور التي توضّح تسلسل الأنشطة. ويمكن إشراك الطفل في صنع هذه الجداول من خلال رسم الصور أو اختيار الملصقات أو ترتيب ما يأتي أولاً وما يأتي بعده. هذا يُعزّز الفهم ويُنمّي شعور الطفل بالمسؤولية.
  • حافظوا على الثبات الروتين مع قدر من المرونة. الروتين لا يعني الالتزام الصارم بالتوقيت. إنّما القيام بالأنشطة بنفس الترتيب تقريباً يُشعر الطفل بالأمان، حتى لو لم تكن الساعة دقيقة تماماً.
  • استخدموا إشارات انتقال لطيفة من مهمة إلى الأخرى. أغنية مخصصة لترتيب الألعاب، أو قصة قبل النوم، يمكن أن تكون إشارات فعّالة تُساعد الطفل على الانتقال من نشاط إلى آخر بسلاسة.
  • اجعلوا الروتين مرتبطاً بلحظات عاطفية. لحظات المشاركة، مثل عناق دافئ في الصباح أو عبارة خاصة تُقال قبل النوم، يمكن أن تحوّل الروتين إلى لحظات من الارتباط والتقارب.
  • امنحوا الأطفال إمكانية الاختيار بأنفسهم. السماح للطفل بالاختيار بين زيَّين، أو تحديد الكتاب الذي سيُقرأ، يمنحه شعوراً بالتحكم ويُشجّع على التعاون.

 

وماذا لو لم يسر الروتين كما هو مخطَّط له؟

 

● ابقَ هادئاً ومرناً. إذا خرج اليوم عن مساره المعتاد، حاول بلطف إعادة طفلك إلى الروتين عندما تسنح الفرصة.
● تحدّث مع طفل. قولك ببساطة: "اليوم كان مختلفاً قليلاً، لكن غداً سنعود إلى روتيننا الصباحي المعتاد" يمنح الطفل شعوراً بالاطمئنان.
● تمسّك باللحظات الأساسية. حتى في الأيام الصعبة، فإن الحفاظ على خطوة أو خطوتين مألوفتين، مثل قراءة قصة قبل النوم، يمكن أن يمنح الطفل شعوراً بالراحة والاطمئنان.
● عدّل عند الحاجة. إذا كانت هناك خطوة في الروتين لا تنجح باستمرار، فلا بأس من تغييرها. الروتين يجب أن يخدم العائلة، لا أن يزيد من توترها.
● فكّر على المدى الطويل. استقرار الروتين يحتاج إلى وقت. ما يهم هو النمط العام، وليس اليوم الذي لا يسير كما هو متوقّع.

 

تذكّر أن بناء روتين فعّال هو رحلة تدريجية، ولن تسير دائماً كما هو مخطَّط لها، وهذا لا بأس به. وحافظ على هدوئك وتحلَّ بالمرونة، بما يتناسب مع احتياجاتك واحتياجات طفلك.

فالأفعال الصغيرة المتكرّرة تخلق شعوراً بالأمان.

ومع مرور الوقت، يصبح الروتين أساساً يعزّز الاستقلالية، ويدعم الاستقرار العاطفي، ويسهم في بناء عادات صحية.

ثق بالرحلة، واحتفل بالإنجازات الصغيرة، واعلم أنك تُهيّئ طفلك لبيئة حقيقية للنمو والازدهار.

قراءة التالي

From Fussy to Focused