المؤلف: أليس روبينز
الالتحاق بمرحلة ما قبل المدرسة (الحضانة) محطة مهمة، ليس للأطفال فحسب، بل للوالدين أيضاً. ومن الطبيعي تماماًً أن يتساءل الوالدين: "هل طفلي مستعد حقاً لهذه المرحلة الجديدة؟"
الأمر الجيد أن الاستعداد لمرحلة ما قبل المدرسة لا يعني إتقان جميع المهارات بشكل كامل، بل الطريق الذي يمهد نحو استقلالية الطفل، وتعزيز حبه للاستطلاع والتواصل الاجتماعي مع الآخرين من حوله.
في هذه المدونة سنوضح لكم معنى مرحلة ما قبل المدرسة، وكيف يقاس الاستعداد لها، وكيف يمكنك دعم طفلم خلال هذه المرحلة الانتقالية المهمة.
قد تتساءلون، ما هي مرحلة ما قبل المدرسة (الحضانة)؟
مرحلة ما قبل المدرسة، أو بما تعرف أحياناً بالحضانة أو الصف التمهيدي (pre-k)، هي بيئة تعليمية مبكرة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم تقريباً ما بين سنتين إلى خمس سنوات، والهدف من وراء هذه المرحلة إعداد الطفل للمدرسة من خلال تعزيز نموه عبر اللعب والروتين اليومي والتفاعل الاجتماعي.
وتتعبع العديد من الحضانات والمراكز التعليمية منهج "إطار المرحلة التأسيسية المبكرة" (EYES) الذي يدعم النمو منذ الولادة وحتى سن الخامسة عبر مجالات تعلم الأساسية، ويركز هذا الإطار على تنمية الطفل بصورة طبيعية قائمة على اللعب، بما يمكنه من الازدهار والاستعداد للتعليم الرسمي في المدرسة.
مجالات التعلم وفق منهج "إطار المرحلة التأسيسية المبكرة" (EYES)
يعتمد العاملون في مرحلة الطفولة المبكرة، كالحضانات ورياض الأطفال، على سبعة مجالات للتعلم والنمو لدعم رحلة كل طفل الفردية. وهي ليست قائمة شروط للقبول، بل خارطة طريق لما يمكن أن يبدأ الطفل باستكشافه في هذه المرحلة.
المجالات الأساسية (التي تبني مهارات الحياة والتعلم الجوهرية)
1. التواصل واللغة:
تنمية مهارات الاستماع والفهم والتحدث من خلال القصص والأغاني والحوار واللعب.
2. النمو البدني:
دعم المهارات الحركية الدقيقة (مثل الإمساك بالأقلام أو استخدام أدوات الطعام) والمهارات الحركية الكبرى (مثل الجري والقفز والتسلق)، إلى جانب مهارات العناية الذاتية كارتداء الملابس أو استخدام المرحاض.
3. التنمية الشخصية والاجتماعية والعاطفية:

مساعدة الطفل على بناء الصداقات والتعبير عن المشاعر واكتساب الاستقلالية والشعور بالثقة في بيئات جديدة.
المجالات النوعية (التي تُبنى على أساس المجالات الأساسية)
4.القراءة والكتابة:
غرس حب الكتب والأصوات والحروف ومحاولات الكتابة المبكرة التي تمهد للقراءة والكتابة لاحقاً.
5.الرياضيات:
التعرف على الأرقام والعد والأشكال والأنماط وحل المشكلات البسيطة من خلال اللعب والأنشطة العملية.
6.فهم العالم من حوله:
مساعدة الطفل على فهم محيطه عبر استكشاف الأشخاص والأماكن والطبيعة والتكنولوجيا والثقافات المختلفة.
7. التعبير الفني والإبداعي:
تشجيع الإبداع والتعبير عن الذات من خلال الموسيقى والفن والرقص والتمثيل والأنشطة التخيلية.
يتطور الأطفال في هذه المجالات وفق وتيرتهم الخاصة، ومرحلة ما قبل المدرسة هي المكان الأمثل الذي تُنمى فيه هذه المهارات، وليست مرحلة يتوقع أن يكون الطفل قد أتقنها مسبقاً
كيف تختار الحضانة المناسبة لطفلك؟
اختيار الحضانة المناسبة خطوة أساسية، ويعتمد على عدة عوامل:
قم بزيارة عدة أماكن ولاحظ كيف يتفاعل المربون مع الأطفال، وكيف يتجاوب طفلك مع البيئة.
اسأل عن مؤهلات المعلمين وآليات التواصل مع الأهل وكيفية دعمهم لفترة التكيف والانتقال.
اتبع إحساسك الداخلي واختر المكان الذي تشعر فيه أنت وطفلك بالراحة والثقة.
كما يجدر النظر إلى المنهج اليومي للحضانة والتأكد من توافقه مع قيم أسرتك وأسلوب تعلم طفلك.
معظم الحضانات تتبع منهج "إطار المرحلة التأسيسية المبكرة" (EYES) القائم على التعلم من خلال اللعب،
فيما تتبع أخرى مناهج بديلة مثل:
مونتيسوري: تركز على التعلم الذاتي والأنشطة العملية، مما يشجع الطفل على الاستكشاف وفق وتيرته الخاصة.
ريجيو إميليا: تركز على الإبداع والمشاريع التعاونية، حيث توجه اهتمامات الطفل مسار التعلم.
كلا المنهجين يقدمان طرقاً مميزة لدعم نمو الطفل المبكر خارج الإطار التقليدي للتعلم باللعب.
الآن، كيف تعرف أن طفلك مستعد لمرحلة ما قبل المدرسة (الحضانة)؟

والآن بعد أن أصبحت لديك فكرة واضحة عما تتضمنه مرحلة ما قبل المدرسة، دعنا نستعرض مؤشرات الاستعداد لها. إليك قائمة عملية مقسمة إلى مجالات رئيسية:
الاستعداد الاجتماعي والعاطفي
- هل يستطيع الطفل الانفصال عنك دون انزعاج شديد؟
- هل يبدي اهتماماً باللعب مع الأطفال الآخرين؟
- هل يعبر عن مشاعره بطرق بسيطة؟
مهارات التواصل
- هل يستطيع اتباع تعليمات بسيطة؟
- هل بدأ في استخدام جمل قصيرة أو طرح الأسئلة؟
- هل يمكنه التعبير عن احتياجاته الأساسية (مثل "أنا عطشان" أو "أحتاج مساعدة")؟
مهارات الاعتماد على النفس
- هل يحرز تقدماً في تدريب استخدام المرحاض؟
- هل يمكنه تناول الطعام بمساعدة قليلة؟
- هل يحاول ارتداء أو خلع ملابسه بمساعدة بسيطة؟
المهارات المعرفية والتركيز
- هل يستمتع بالقصص أو اللعب التخيلي؟
- هل يتعرف على بعض الألوان أو الأشكال؟
- هل يستطيع الجلوس والتركيز على نشاط لبضع دقائق؟
الاستعداد لمرحلة ما قبل المدرسة (الحضانة) رحلة.. وليس محطة نهائية
لا يوجد طفل "جاهز بنسبة 100%"، وهذا أمر طبيعي تماماً.
فمرحلة ما قبل المدرسة صممت لتواكب الطفل في مستواه النمائي وتساعده على التطور والنمو. وإذا كان طفلك بحاجة إلى وقت أطول أو دعم إضافي في بعض الجوانب، فذلك أمر طبيعي جداً.
"الهدف من مرحلة ما قبل المدرسة هو مساعدة الأطفال على أن يصبحوا مستعدين، لا أن نتوقع جاهزيتهم الكاملة منذ اليوم الأول."
كيف تدعم استعداد طفلك في المنزل؟
- ضع روتيناً يومياً متوقعاً (مواعيد الوجبات ووقت اللعب ووقت الهدوء) ليشعر الطفل بالأمان.
- درب الطفل على الانفصال عنه لفترات قصيرة لبناء الثقة.
- شجع الاستقلالية بطرق بسيطة (مثل ترتيب ألعابه أو ارتداء حذائه).
- اقرأ معه كتباً عن بدء المدرسة مثل: "لاما لاما يفتقد أمه" أو "مايزي تذهب إلى الحضانة".
مخاوف شائعة لدى الوالدين.. ولماذا هذه المخاوف الشيء طبيعي جداً
"طفلي يبكي عند توصيله للحضانة وتوديع"
أمر شائع! معظم الأطفال يحتاجون أيام أو أسابيع ليتأقلموا.
"طفلي خجول ولا يتحدث كثيراً أمام الآخرين"
طبيعي، فالحضانة تساعد على بناء الثقة الاجتماعية تدريجياً.
"لم ينتهِ بعد من تدريب المرحاض"
تحقق من سياسة الحضانة، العديد منها يقدم الدعم في هذه المرحلة.
"ماذا لو طفلي لا يزال لا يعرف الأحرف أو الأرقام"
لا مشكلة، فهذه المهارات تقدم وتطور داخل الحضانة. طفلك ليس بحاجة إلى معرفتها قبل أن يبدأ
"طفلي لا يحب المشاركة أو انتظار دوره"
طبيعي جداً، فالحضانة تساعد على اكتساب هذه المهارات الاجتماعية من خلال اللعب الموجه والروتين اللطيف.
ختاماً.. أنت أكثر شخص يفهم طفله،
لا أحد قادر على معرفة ما يحتاجه كما تعرف أنت.
مرحلة ما قبل المدرسة (الحضانة) بداية فصل جميل في حياة الطفل.
ورغم أن مؤشرات النمو تساعدنا على التوجيه، فإن حدسك كوالد هو الأهم. فإذا شعرت أن طفلك مستعد لبدء استكشاف العالم خارج المنزل، حتى لو أنتابك شعور بالتردد، فغالبا هو حقاً مستعد.