تنمية مهارات المشاركة لدى الأطفال من خلال تبادل الأدوار

Fostering Sharing Skills in Children Through Turn Taking

 بقلم: آلي ساتون

إن أقوى وسيلة نملكها لتربية أطفال كرماء ومتعاونين هي اللعب. فمن خلال اللعب، وخصوصاً اللعب الذي يقوم على تبادل الأدوار، يتعلم الطفل مفاهيم الإنصاف والصبر والتعاطف. فعندما يتعلّم أن يتوقف ويسلم ويتناوب أثناء اللعب، يكون بذلك قد وضع الأساس للمشاركة، سواء كانت مشاركة المشاعر أو الأشياء، في جميع مجالات الحياة. تبدأ هذه المهارة منذ الصغر مع ألعاب الغميضة الأولى في مرحلة الرضاعة، ثم تتطور لاحقاً لتشمل حفلات الشاي التخيلية أو “مهام في الفضاء” في مرحلة ما قبل المدرسة. وكل تفاعل مرح بينك وبين طفلك يحمل درساً لطيفاً في أن تبادل الأدوار يفتح الطريق للتعاون والمشاركة.

 

الرضع

حتى في الأشهر الأولى، يبدأ الطفل بممارسة تبادل الأدوار، وهو ما يمهد لاحقاً لتعلم المشاركة. يصف الباحثون هذا النمط بـ “الاستقبال والرد”؛ فأنت تبتسم أو تصدر صوتاً لطيفاً لطفلك، فيرد عليك بابتسامة. وبحلول عمر أربعة إلى ستة أشهر تقريباً، يبدأ الرضع في ألعاب تبادل الأدوار البسيطة مثل الغميضة، فيتوقعون لحظة التوقف وعودة وجهك للظهور. وعندما تخفي وجهك، يدركون أن “دورهم” قد حان للرد، سواء برفع الحاجبين أو بإصدار صيحة فرح. هذه هي الفكرة الأساسية وراء تبادل الأدوار. ومع مرور الوقت، تساعد هذه الروتينات الطفل على فهم أن الانتظار والرد هما جزء من أي تفاعل ممتع. وبعبارة أخرى، عندما تمنح طفلك فرصة "للرد" أثناء اللعب، فإنك لا تستمتع فقط بلحظة ارتباط دافئة معه، بل تزرع أيضاً البذور الأولى لروح المشاركة.

 

الأطفال الصغار

مع اقتراب الطفل من عمر السنتين، يبدأ بفهم تبادل الأدوار بشكل أوضح مع التوجيه اللطيف. في هذه المرحلة، يرى الطفل العالم من منظوره الخاص، وقد يلتقط أي شيء يثير اهتمامه مباشرة، حتى لو لم يكن ملكه أو لم يحن دوره بعد. وهذا لا يعتبر سلوكاً “سيئاً” بل هو تعبير طبيعي وصحي عن الفضول والحماس. ستأتي المشاركة لاحقاً مع النضج.

يمكنك مساعدته عبر ألعاب بسيطة موجهة، مثل الجلوس في دائرة وتمرير دمية محشوة من شخص لآخر، بينما ينتظر كل طفل أن تصل إليه.

بين عمر السنتين والثلاث سنوات، قد يشعر العديد من الأطفال بعدم الارتياح تجاه المشاركة. فإذا حاول أحد الأصدقاء أخذ شاحنته المفضلة، قد يشعر بالذعر ويفكر: “إذا تركته يلعب بها، فلن تعود إلي أبداً.” وهنا يأتي دور تبادل الأدوار لتخفيف هذا القلق. ابدأ بالاعتراف بمشاعر طفلك: “أعرف كم تحب هذه الشاحنة، ومن الصعب أن ترى شخصاً آخر يلعب بها.” ثم اقترح فترة زمنية قصيرة لتبادل الأدوار: “سوف نضبط المؤقّت لتحتفظ بالشاحنة دقيقة واحدة أخرى، وعندما يرنّ الجرس سيكون دور سام، وبعدها ستعود إليك.” بهذه الطريقة، يدرك الطفل أن الانتظار مؤقت وأنه سيستعيد ما يحب.

 

مرحلة ما قبل المدرسة (الحضانة)

عند بلوغ الثالثة، يبدأ الأطفال بفهم أوسع لمفهوم العدالة. في هذه المرحلة، تصبح ألعاب تبادل الأدوار المنظمة ذات القواعد البسيطة ذات قيمة كبيرة. فقد أظهرت الأبحاث أن اللعب المنظّم بقواعد واضحة يساعد الأطفال في هذه السن على ترسيخ مفهوم العدالة؛ حيث يفهمون أن الانتظار جزء من اللعبة وأن للجميع الحق في فرصة متساوية. في المنزل، يمكنك تقديم ألعاب لوحية بسيطة تتطلب رمي النرد أو تبادل الأدوار في وضع قطع الأحجية. وعندما يلتزم طفلك بالقواعد، امدحه قائلاً: “لقد انتظرت دورك بهدوء، وهذا تصرف عادل.”

اللعب التخيلي الإبداعي يعزز أيضاً مهارات المشاركة من خلال تبادل الأدوار، إذ يتفق الأطفال على تقسيم الأدوار والأدوات: “سأكون الطبيب إذا كنتَ أنت المريض” أو “سنستخدم سفينة القراصنة معاً، أولاً أنت تقود ثم أنا.” وقد وجدت الدراسات أن تشجيع هذه الألعاب التعاونية يجعل الأطفال في سن الثالثة والرابعة أكثر مساعدة للآخرين، وأكثر نجاحاً في تكوين صداقات، وأفضل في تبادل الأدوار.

ومع اقترابهم من عمر الرابعة والخامسة، يصبح الأطفال أكثر تعاطفاً ويفهمون مشاعر الآخرين. فعندما يتعاونون في حل أحجية أو بناء برج مكعبات، يبدأون بإدراك أنهم “حققوا ذلك معاً كفريق”، وتصبح مشاركة الأدوار والنتائج أمراً طبيعياً. وقد أظهرت الأبحاث أنه عندما يعمل الأطفال نحو هدف مشترك، فإنهم يشاركون عن طيب خاطر. في المنزل، يمكنك دعوة الإخوة أو الأصدقاء لصنع الكعك معاً: أحدهم يقيس الدقيق، والآخر يحرّك الخليط. وعندما تنضج الكعكات، يتقاسمونها بسعادة.

 

التعامل مع التحديات

حتى مع تزايد وعي الأطفال اجتماعياً، ستظل هناك لحظات من الإحباط، حين يشعرون أن الأدوار غير عادلة أو يخشون أن يفوتهم دورهم. في هذه المواقف، يمكن لحضورك الهادئ والمتفهم أن يحدث فرقاً كبيراً. بدلاً من توبيخهم، ابدأ بالاعتراف بمشاعرهم: “أعرف أنك منزعج لأن أحمد أخذ السيارة التي أردتها.” ثم وجه الموقف برفق: “لنضبط المؤقت لدقيقة، ثم سيكون بإمكانك اللعب بالسيارة. وفي هذه الأثناء، يمكننا بناء الطريق لتسير عليها سيارتك.” إن الاعتراف بمشاعر الطفل، ووضع خطة واضحة للانتظار، واقتراح نشاط بديل، كلها خطوات تساعده على تنظيم مشاعره الكبيرة. ومع مرور الوقت، سيدرك أن تبادل الأدوار والمشاركة يؤديان إلى لعب أكثر متعة وعدلاً.

 

المصادر

 

Chatzipanteli, A., & Adamakis, M. (2022). Social interaction through structured play activities and games in early childhood. In P. Gil-Madrona (Ed.), Handbook of Research on Using Motor Games in Teaching and Learning Strategy (pp. 80–99). IGI Global.

Hamann, K., Warneken, F., Greenberg, J. R., & Tomasello, M. (2011). Collaboration encourages equal sharing in children but not in chimpanzees. Nature, 476(7360), 328–331.

Jaggy, A.-K., Kalkusch, I., Burkhardt Bossi, C., Weiss, B., Sticca, F., & Perren, S. (2023). The impact of social pretend play on preschoolers’ social development: Results of an experimental study. Early Childhood Research Quarterly, 64, 13–25.

Nomikou, I., Leonardi, G., Radkowska, A., Rączaszek-Leonardi, J., & Rohlfing, K. J. (2017). Taking up an active role: Emerging participation in early mother–infant interaction during peekaboo routines. Frontiers in Psychology, 8, 1656.

Parrott, H. M., & Cohen, L. E. (2020). Advocating for play: The benefits of unstructured play in public schools. School Community Journal, 30(2), 229–254.

 

 

قراءة التالي

Think Your Child is Too Young or Not Ready for Nursery? Here’s an At-Home Alternative